الاثنين، 10 نوفمبر 2008

المجتمع المدني --- نظام التفاعل السلمي






























لا أستغرب كثيراً التأخر الحاصل في محيطنا ومجتمعنا للدخول في نظام مماثل من حيث البنية والسلوك نظام المجتمعات المتحضرة الأخرى لأن الوعي الحاصل في بنية المجتمع غير متوافقة مع الحالة المؤدية لنظام التفاعل السلمي في العلاقات الاجتماعية والسياسية فالطبيعة التعاقدية والتفاعلية بين الناس قائمة على أساس المخزون الفكري وطريقة إخراجه كنظام تعبيري وسلوك تفاعلي معبر عن طبيعة الوعي المرافقة لهذا المخزون من الأفكار والأحلام وصياغة التعبير المتوافق مع الحياة القائمة على التفاعل السلمي بين البشر .
بالدرجة الأولى نحن نعيش في واقع يبتعد جزئياً أوكلّياً عن التوافق مع ذاته ومكوناته الفكرية والسلوكية لأن الواقع التعبيري الفوقي المرافق لوجوده , لا يعبر عن طبيعة هذا الوجود ولا محتواه الحقيقي , فالوعي عندنا منطلق من تأسيس وهمي مترافق مع كل ما نقدمه من أعمال وأفكار , والتدخل القائم في وجودنا يكاد يكون كلياً
فيبدأ الوعي الهارب من المسؤولية إقحام قوى معنوية غير مرئية قادرة وكلية في بنيتنا الحياتية , يمكن أن نلصق كلّ وعينا بوجودها هذا الوعي الخارج للواقع والمعبر عن التدخل الجبار في تأسيس سلوكنا وطريقة تعاملنا يجعلنا بالضرورة منفعلين مع الأحداث وغير فاعلين فيها , فالأمة المبرمجة على السلوك والوعي والتفاعل تضعف عندها المبادرة إلى درجة العدم لأن الحياة عندها مبرمجة آلية وروتينية , قائمة على إملااءات ما فوق عقلية لا يمكن الإفلات منها أو تجنب تأثيرها الحاصل في ذواتنا الفاعلة فالسلوك الشائن والمنحرف يمكن أن يكون ناتجاً عن تأثيرها من خلال الابتلاء التجريبي للدلالة على مدى التزامنا وقوة التصاقنا بها , فالتفسيرات المواربة والهاربة من مواجهة الحقائق الدالة عن كنه السلوك والوعي تجعل الحياة أكثر انحداراً وبدائية .
فإذا كان الخير والشر ليس منا ولا يعبر عن تطلعاتنا وعن مدى فاعليتنا في هذا الوجود فماذا نكون عليه من وعي مؤثر وفاعل في الأحداث الجارية وما هي المحصلة الحقيقية لإنجازاتنا الحضارية في هذا الوجود, وإذا كانت جميع الإنجازات الحاصلة في بنيتنا الاجتماعية والاقتصادية هي هبة ما ورائية إكراماً لإخلاصنا بالتزام مبادئها
وقواعدها السلوكية وما هي المحصلة الواعية في وجودنا إذا كانت جميع الإنجازات هبة كونية.
نحن أمة مرتبطة بالعشيرة بالعائلة بالمذهب بما لايتفق مع الإجراءات الجارية في الحياة المدنية الحديثة , فالإجراءات الحديثة في نظام التشكل الجديد تتجه نحو إحداث حالة تفاعلية سلمية بين البشر قائمة على الوعي والعقل والقدرة الطليعية الفاعلة في إحداث تأثيرات منسجمة مع هذه البنية المتجهة إلى واقع تسوده المدنية والسلوك الحضاري السليم الخالي من العنف والإرهاب في حل الأزمات الحاصلة في نظامه , نظام ٌ تنقلب فيه الاحتجاجات وأساليب الرفض من المواجهة العنيفة والدموية إلى مواجهة عقلية قائمة على أساس البناء العلمي وتحقيق إنجازات علمية قادرة على الحماية الذاتية تتطور مع تطور الحياة السلمية .
فالمواجهة الحاصلة والحروب القائمة الآن تعبر عن الإقفال النهائي للطرق التقليدية في الحروب والمواجهات بين البشر وليس الإرهاب سوى صرخة الرفض البائسة في حياة العالم القادمة , لأن التشكيل الجاري وما يتم من تغيرات في بنية الوجود العالمي سيجعل أساليب الحياة القديمة تحتضر , والمسألة المتعلقة بالحياة المدنية تدخل العصر الراهن من مختلف الاتجاهات والقنوات لتعبر عن محتوى وإمكانيات الشعوب والأنظمة المختلفة في مدى قدرتها على التعامل مع المدنية الحديثة في إقامة نظام المؤسسات والحريات العامة بمختلف أشكالها التعبيرية المتعلقة في قيادة المجتمع وتحريكه والتكيف بمضامينه الفكرية بما يتوافق مع الإنجازات العلمية والمستقبلية وطريقة التواصل في نظام العالم الجديد عالم يختلف من حيث التركيبة السياسية والثقافية المرتبطة بتكنولوجيا الإعلام المتطور والسريع بما يحقق قدرة فائقة على تواصل المعرفة والمشاركة الوجدانية في جميع المآسي الحاصلة وقدرة توصيل المشاكل والخلافات والإجراءات المعرقلة للحياة الحرة إلى كافة المنظمات العالمية المدافعة عن الحريات العامة, فالواقع لم يعد ينحصر في إطار جغرافي وأنظمة سياسية منغلقة ومتحكمة بوسائل الاتصال العامة وأساليب التوصيل الفكري والتكم بطريقة وعي العقل والقيادة المتعمدة في حشد الطليعة الفكرية والقوى العاملة المؤثرة في المجتمع في محتوى نظامها الخاص بما يجعل العلاقات في النظام السياسي تعبر عن نمطية واحدة وقالب واحد , أساليب لم تعد قادرة على التكيف مع تغير بنية العصر المعرفية وتوافق بنائه مع حركات وأراء وأفكار متنوعة تعبر عن محتواها بحرية بما يؤسس لقيام طاقة تفاعلية هائلة بين البشر.

ليست هناك تعليقات: